هل تشكو من الغازات والانتفاخ
أنت تشكو لطبيبك من كثرة الغازات والانتفاخ وتشرح له انك تتردد بكثرة على دورة المياه في محاولات يائسة للتخلص من هذه الأرياح التي لا تفارقك . وانك دائم التجشؤ (التكريع ) لعل وعسى أن تطرد هذه الغازات التي تسبب لك مضايقة شديدة تنغص عليك حياتك . وهذا في الواقع عرض من أعراض سوء الهضم الشائعة والتي يعاني منها الكثيرون .
ولكن في المقام الأول يجب أن تعلم كيف تتكون هذه الغازات وما هو مصدرها وقد لاندري أننا قد نكون السبب في كثرة هذه الغازات، وبذلك نضايق أنفسنا بأنفسنا ونتسبب في انتفاخنا بدون سبب .
بلع الهـــــواء
كل إنسان منا يمارس حركات عضلية روتينية بطريقة آلية أو بدون تفكير .وهذا شيء طبيعي للغاية والأمثلة على ذلك كثيرة فأنت تتنفس و تتثاءب وتغمض عينيك وتفتحها آلاف المرات في اليوم وأنت أيضا تقوم بعملية البلع وتكررها بدون أن تثير انتباهك ، ليس فقط لبلع لعابك ولكن أيضا أثناء تناولك لطعامك وشرابك وهذا أول مصدر من المصادر الرئيسية للغازات ،حيث أنه من الطبيعي تماما أن تبتلع أيضا كمية من الهـواء الجوي تدخل إلى المعدة ثم إلى الأمعاء . وهذا الهـواء الذي ابتلعته لا يسبب أي ضيق إلا إذا زاد عن حدوده الطبيعية لأن جسمك يتخلص من الهـواء المبلوع بامتصاصه أو طرده مع البراز.
ولكن إذا تحول الإنسان إلى بالع للهواء فانه بذلك يمارس هوايــة ضــارة للغاية وهذا ما يراه الطبيب في كثير من مرضى القلق النفسي والتوتر العصبي ويلاحظ أن هؤلاء المرضى يلتهمون الطعام ولا يأكلونه بالإضافة إلى عدم انتظامهم أو التزامهم المعقول بمواعيد الطعام وأغلبهم من
المدخنين الشرهين.ومما هو معروف أن مع كل سيجارة تدخن تزداد كمية الهـواء المبلوع وتسوء حالتهم عندما يكثرون من التجشؤ (التكريع ) وهم تحت وهم أنهم يتخلصون من الهــواء الزائد الموجود بالمعدة ….
والواقع هو عكس ذلك تماما فالكمية التي يتخلصون منها و تعطيهم الإحساس الوقتي الكاذب بالراحة يتلوها مباشرة إرتخاء في عضلات المعدة و كأنها كرة من المطاط تم ضغطها بقبضة يد ثم تركت فجأة لتشفط المعدة كمية من الهواء الخارجي أكثر بكثير مما تم إخراجه بالتجشؤ مما يؤدي إلى مزيد من الهواء المبتلع و مزيد من الانتفاخ .
أي أن هؤلاء المرضى هم ضحية هواية ضارة يمارسونها بكفاءة ونشاط زائدين فهم بالعو الهواء وعلاجهم هو علاج حالة القلق النفسي والتوتر الذي يعانون منه، وطمأنتهم بأن شكواهم ليست من أمراض الهضم إطلاقا… وارشادهم لاتباع العادات الصحية السليمة .
أطعمة تسبب الانتفاخ
أما المصدر الثاني للغازات فهو ما أكلت وما شربت أنت بنفسك .. فهناك أطعمه ومأكولات صعبة الهضم نسبيا وعندما تصل بقايا هذه الأطعمه إلى القولون فإنها تجد به جراثيم وبكتيريا غير ضاره موجودة بشكل طبيعي في كل إنسان وتتفاعل هذه الجراثيم ويكون ناتج هذا التفاعل غازات تتميز برائحة كريهة .
ولقد اثبت التحليل الطبيعي ( التحليل الكروموتوجرافي ) على عينه مأخوذة من الغازات التي تخرج من المستقيـم … أنها تحتوي على غاز النيتروجين بنسبة تصل إلى 20-60% وهذا الغاز موجود في الهواء المبتلع أي تمثل المصدر الأول من مصادر الغازات وهو غاز ليس له رائحة
أما النسبة المتبقية فإنها تتكون من غاز ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين والميثين (ذو الرائحة الكريهة ) مع مركبات عضوية أخرى وهذه الغازات هي نتيجة تفاعل الجراثيم مع بقايا الطعام
ومن الأطعمة الصعبة الهضم نجدها في ( البقوليات ,الفول ، العدس، الفاصولياء ،اللوبياء), هي ذات أهمية خاصة لأنها تحتوي على النشويات الصعبة الهضم وتماثلها في ذلك بعض الخضراوات مثل الكرنب و القرنبيط. ويتسبب الإكثار من الدهنيات في الإصابة بالانتفاخ بطريقة مختلفة تماما فإن من خصائص الأطعمة الدهنية أنها تمكث في المعدة لفترة طويلة و
تتسبب في بطء عملية الهضم . وبذلك يمكث ما ابتلعناه من هواء في المعدة لمدة اكثر وهذا هو السبب في كثرة الانتفاخ والإحساس بالامتلاء إذا زادت الأطعمة الدهنية عن الكمية المقبولة.
وما ذكر هو العامل الثاني الرئيسي في كثرة الانتفاخ والغازات ويتضح أيضا إن علاجه لن يكون بالعقاقير وأدوية الهضم ولكن بعدم الإمتلاء وبتنويع مصادر الطعام قدر المستطاع حيث لا تحتوي أساساً على البقوليات والدهون.
ولا شك أن دور الطبيب في علاج الانتفاخ هام للغاية .فبعد استبعاده للأسباب المرضية أو العضوية لكثرة الغازات مثل (جيوب القولون على سبيل المثال ) فعليه أن يشرح للمريض سبب شكواه وكسب ثقته وإقناعه بالمشاركة الفعالة لعلاج هذا المرض المزمن من أعراض سوء الهضم وكذلك إرشاده إلى التغذية السليمة من ناحية النوعية والكمية وكذلك إلى تجنب بعض العادات السيئة التي تؤدي إلى زيادة الغازات والإقلاع عن التدخين وأهمية ممارسة الرياضة .